البداية والنهاية/الجزء الحادي عشر/صفحة واحدة
작성자 정보
- Ron Vanhoose 작성
- 작성일
본문
ولما يتوقّعه أهل الدّولة من أمثال هذه المعاطب صار الكثير منهم ينزعون إلى الفرار عن الرّتب والتّخلّص من ربقة السّلطان بما حصل في أيديهم من مال الدّولة إلى قطر آخر ويرون أنّه أهنأ لهم وأسلم في إنفاقه وحصول ثمرته وهو من الأغلاط الفاحشة والأوهام المفسدة لأحوالهم ودنياهم واعلم أنّ الخلاص من ذلك بعد الحصول فيه عسير ممتنع فإنّ صاحب هذا الغرض إذا كان هو الملك نفسه فلا تمكّنه الرّعيّة من ذلك طرفة عين ولا أهل العصبيّة المزاحمون له بل في ظهور ذلك منه هدم لملكه وإتلاف لنفسه بمجاري العادة بذلك لأنّ ربقة الملك يعسر الخلاص منها ولا سيّما عند استفحال الدّولة وضيق نطاقها وما يعرض فيها من البعد عن المجد والخلال والتّخلّق بالشّرّ وأمّا إذا كان صاحب هذا الغرض من بطانة السّلطان وحاشيته وأهل الرّتب في دولته فقلّ أن يخلّى بينه وبين ذلك. قال ابن خلكان: وقد رحل إلى الديار المصرية فأكرمه الوزير أبو الفضل جعفر بن خُنزابة وزير كافور الأخشيدي، وساعده هو والحافظ عبد الغني على إكمال مسنده، وحصل للدارقطني منه مال جزيل. وذكر ابن خلكان: أنه كان يجلس في حلقة الشيخ أبي إسحاق المروزي، وقد كان الأشعري معتزليا فتاب منه بالبصرة فوق المنبر، ثم أظهر فضائح المعتزلة وقبائحهم، وله من الكتب: (الموجز) وغيره. والسّبب في ذلك أنّ الجباية في أوّل الدّولة تتوزّع على أهل القبيل والعصبيّة بمقدار غنائهم وعصبيّتهم ولأنّ الحاجة إليهم في تمهيد الدّولة كما قلناه من قبل فرئيسهم في ذلك متجاف لهم عمّا يسمون إليه من الاستبداد عليهم فله عليهم عزّة وله إليهم حاجة فلا يطيّر 174 في سهمانه من الجباية إلّا الأقلّ من حاجته فتجد حاشيته لذلك وأذياله من الوزراء والكتّاب والموالي متملّقين في الغالب وجاههم متقلّص لأنّه من جاه مخدومهم ونطاقه قد ضاق بمن يزاحمه فيه من أهل عصبيّته فإذا استفحلت طبيعة الملك وحصل لصاحب الدّولة الاستبداد على قومه قبض أيديهم عن الجبايات إلّا ما يطير لهم بين النّاس في سهمانهم وتقلّ حظوظهم إذ ذاك لقلّة غنائهم في الدّولة بما انكبح من أعنّتهم وصار الموالي والصّنائع مساهمين لهم في القيام بالدّولة وتمهيد الأمر فينفرد صاحب الدّولة حينئذ بالجباية أو معظمها ويحتوي على الأموال ويحتجنها للنّفقات في مهمّات الأحوال فتكثر ثروته وتمتلئ خزائنه ويتّسع نطاق جاهه ويعتزّ على سائر قومه فيعظم حال حاشيته وذويه من وزير وكاتب وحاجب ومولى وشرطيّ ويتّسع جاههم ويقتنون الأموال ويتأثّلونها 175 .
وأخرج ابن سعد عن صهيب قال: لما أسلم عمر رضي الله عنه أظهر الإسلام ودعا إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقا وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتي به. ولمّا جاء الإسلام أغفل ذلك لسذاجة الدّين وبداوة العرب وكانوا يتعاملون بالذّهب والفضّة وزنا وكانت دنانير الفرس ودراهمهم بين أيديهم ويردّونها في معاملتهم إلى الوزن ويتصارفون بها بينهم إلى أن تفاحش الغشّ في الدّنانير والدّراهم لغفلة الدّولة عن ذلك وأمر عبد الملك الحجّاج على ما نقل سعيد بن المسيّب وأبو الزّناد بضرب الدّراهم وتمييز المغشوش من الخالص وذلك سنة أربع وسبعين وقال المدائنيّ سنة خمس وسبعين ثمّ أمر بصرفها في سائر النّواحي سنة ستّ وسبعين وكتب عليها «الله أحد الله الصّمد» ثمّ ولّي ابن هبيرة العراق أيّام يزيد بن عبد الملك فجوّد السّكّة 148 ثمّ بالغ خالد القسريّ في تجويدها ثمّ يوسف بن عمر بعده وقيل أوّل من ضرب الدّنانير والدّراهم مصعب بن الزّبير بالعراق سنة سبعين بأمر أخيه عبد الله لمّا ولي الحجاز وكتب عليها في أحد الوجهين «بركة الله» وفي الآخر «اسم الله» ثمّ غيّرها الحجّاج بعد ذلك بسنة وكتب عليها اسم الحجّاج وقدّر وزنها على ما كانت استقرّت أيّام عمر وذلك أنّ الدّرهم كان وزنه أوّل الإسلام ستّة دوانق والمثقال وزنه درهم وثلاثة أسباع درهم فتكون عشرة دراهم بسبعة مثاقيل وكان السّبب في ذلك أنّ أوزان الدّرهم أيّام الفرس كانت مختلفة وكان منها على وزن المثقال عشرون قيراطا ومنها اثنا عشر ومنها عشرة فلمّا احتيج إلى تقديره في الزّكاة أخذ الوسط وذلك اثنا عشر قيراطا فكان المثقال درهما وثلاثة أسباع درهم وقيل كان منها البغليّ بثمانية دوانق والطّبريّ أربعة دوانق والمغربيّ ثمانية دوانق واليمنيّ ستّة دوانق فأمر عمر أن ينظر الأغلب في التّعامل فكان البغليّ والطّبريّ اثني عشر دانقا وكان الدّرهم ستّة دوانق وإن زدت ثلاثة أسباعه كان مثقالا وإذا أنقصت ثلاثة أعشار المثقال كان درهما فلمّا رأى عبد الملك اتّخاذ السّكّة لصيانة النّقدين الجاريين في معاملة المسلمين من الغشّ عيّن مقدارها على هذا الّذي استقرّ لعهد عمر رضي الله عنه.
وفيها كانت وقعة بين عز الدولة وعضد الدولة وأسر فيها غلام تركي لعز الدولة فجن عليه واشتد حزنه وامتنع من الأكل وأخذ في البكاء واحتجب عن الناس وحرم على نفسه الجلوس في الدست وكتب إلى عضد الدولة يسأله أن يرد الغلام إليه ويتذلل فصار ضحكة بين الناس وعوتب فما ارعوى لذلك وبذل في فداء الغلام جاريتين عوديتين كان قد بذل له في الواحدة مائة ألف دينار وقال للرسول: باب حمام المنيوم (https://www.gta5-mods.com) إن توقف عليك في رده فزد ما رأيت ولا تفكر فقد رضيت أن آخذه واذهب إلى أقصى الأرض فرده عضد الدولة عليه. قد قدّمنا ذكر العوارض المؤذنة بالهرم وأسبابه واحدا بعد واحد وبيّنّا أنّها تحدث للدّولة بالطّبع وأنّها كلّها أمور طبيعيّة لها وإذا كان الهرم طبيعيّا في الدّولة كان حدوثه بمثابة حدوث الأمور الطّبيعيّة كما يحدث الهرم في المزاج الحيوانيّ والهرم من الأمراض المزمنة الّتي لا يمكن دواؤها ولا ارتفاعها لما أنّه طبيعيّ والأمور الطّبيعيّة لا تتبدّل وقد يتنبّه كثير من أهل الدّول ممّن له يقظة في السّياسة فيرى ما نزل بدولتهم من عوارض الهرم ويظنّ أنّه ممكن الارتفاع فيأخذ نفسه بتلافي الدّولة وإصلاح مزاجها عن ذلك الهرم ويحسبه أنّه لحقها بتقصير من قبله من أهل الدّولة وغفلتهم وليس كذلك فإنّها أمور طبيعيّة للدّولة والعوائد هي المانعة له من تلافيها والعوائد منزلة طبيعيّة أخرى فإنّ من أدرك مثلا أباه وأكثر أهل بيته يلبسون الحرير والدّيباج ويتحلّون بالذّهب في السّلاح والمراكب ويحتجبون عن النّاس في المجالس والصّلوات فلا يمكنه مخالفة سلفه في ذلك إلى الخشونة في اللّباس والزّيّ والاختلاط بالنّاس إذ العوائد حينئذ تمنعه وتقبّح عليه مرتكبه ولو فعله لرمي بالجنون والوسواس في الخروج عن العوائد دفعة، وخشي عليه عائدة ذلك وعاقبته في سلطانه وانظر شأن الأنبياء في إنكار العوائد ومخالفتها لولا التّأييد الإلهيّ والنّصر السّماويّ وربّما تكون العصبيّة قد ذهبت فتكون الأبّهة تعوّض عن موقعها من النّفوس فإذا أزيلت تلك الأبّهة مع ضعف العصبيّة تجاسرت الرّعايا على الدّولة بذهاب أوهام الأبّهة فتتدرّع الدّولة بتلك الأبّهة ما أمكنها حتّى ينقضي الأمر وربّما يحدث عند آخر الدّولة قوّة توهم أنّ الهرم قد ارتفع عنها ويومض ذبالها إيماضة الخمود كما يقع في الذّبال المشتعل فإنّه عند مقاربة انطفائه يومض إيماضة توهم أنّها اشتعال وهي انطفاء فاعتبر ذلك ولا تغفل سرّ الله تعالى وحكمته في اطّراد وجوده على ما قدّر فيه «لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ 13: 38» .
ولا تنظر في ذلك إلى أنّ الاعتداء قد يوجد بالأمصار العظيمة من الدّول الّتي بها ولم يقع فيها خراب واعلم أنّ ذلك إنّما جاء من قبل المناسبة بين الاعتداء وأحوال أهل المصر فلمّا كان المصر كبيرا وعمرانه كثيرا وأحواله متّسعة بما لا ينحصر كان وقوع النّقص فيه بالاعتداء والظّلم يسيرا لأنّ النّقص إنّما يقع بالتّدريج فإذا خفي بكثرة الأحوال واتّساع الأعمال في المصر لم يظهر أثره إلّا بعد حين وقد تذهب تلك الدّولة المعتدية من أصلها قبل خراب وتجيء الدّولة الأخرى فترفعه بجدّتها وتجبر النّقص الّذي كان خفيّا فيه فلا يكاد يشعر به إلّا أنّ ذلك في الأقلّ النّادر والمراد من هذا أنّ حصول النّقص في العمران عن الظّلم والعدوان أمر واقع لا بدّ منه لما قدّمناه ووباله عائد على الدّول. وأمّا الخاتم فهو من الخطط السّلطانيّة والوظائف الملوكيّة والختم على الرّسائل والصّكوك معروف للملوك قبل الإسلام وبعده وقد ثبت في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم أراد أن يكتب إلى قيصر فقيل له إنّ العجم لا يقبلون كتابا إلّا أن يكون مختوما فاتّخذ خاتما من فضّة ونقش فيه «محمّد رسول الله» قال البخاريّ جعل الثّلاث الكلمات ثلاثة أسطر وختم به وقال لا ينقش أحد مثله قال وتختّم به أبو بكر وعمر وعثمان ثمّ سقط من يد عثمان في بئر أريس وكانت قليلة الماء فلم يدرك قعرها بعد واغتمّ عثمان وتطيّر منه وصنع آخر على مثله وفي كيفيّة نقش الخاتم والختم به وجوه وذلك أنّ الخاتم يطلق على الآلة الّتي تجعل في الإصبع ومنه تختّم إذا لبسه ويطلق على النّهاية والتّمام ومنه ختمت الأمر إذا بلغت آخره وختمت القرآن كذلك ومنه خاتم النّبيّين وخاتم الأمر ويطلق على السّداد الّذي يسدّ به الأواني والدّنان ويقال فيه ختام ومنه قوله تعالى «خِتامُهُ مِسْكٌ 83: مطابخ المنيوم حديثة 26» وقد غلط من فسّر ذلك بالنّهاية والتّمام قال لأنّ آخر ما يجدونه في شرابهم ريح المسك وليس المعنى عليه وإنّما هو من الختام هو السّداد لأنّ الخمريجعل لها في الدّنّ سداد الطّين أو القار يحفظها ويطيّب عرفها وذوقها فبولغ في وصف خمر الجنّة بأنّ سدادها من المسك وهو أطيب عرفا وذوقا من القار والطّين المعهودين في الدّنيا فإذا صحّ إطلاق الخاتم على هذه كلّها صحّ إطلاقه على أثرها النّاشئ عنها وذلك أنّ الخاتم إذا نقشت به كلمات أو أشكال ثمّ غمس في مداف من الطّين أو مداد ووضع على صفح القرطاس بقي أكثر الكلمات في ذلك الصّفح وكذلك إذا طبع به على جسم ليّن كالشّمع فإنّه يبقى نقش ذلك المكتوب مرتسما فيه وإذا كانت كلمات وارتسمت فقد يقرأ من الجهة اليسرى إذا كان النّقش على الاستقامة من اليمنى وقد يقرأ من الجهة اليمنى إذا كان النّقش من الجهة اليسرى لأنّ الختم يقلب جهة الخطّ في الصّفح عمّا كان في النّقش من يمين أو يسار فيحتمل أن يكون الختم بهذا الخاتم بغمسه في المداد أو الطّين ووضعه في الصّفح فتنتقش الكلمات فيه ويكون هذا من معنى النهاية والتّمام بمعنى صحّة ذلك المكتوب ونفوذه كأنّ الكتاب إنّما يتمّ العمل به بهذه العلامات وهو من دونها ملغى ليس بتمام وقد يكون هذا الختم بالخطّ آخر الكتاب أو أوّله بكلمات منتظمة من تحميد أو تسبيح أو باسم السّلطان أو الأمير أو صاحب الكتاب من كان أو شيء من نعوته يكون ذلك الخطّ علامة على صحّة الكتاب ونفوذه ويسمّى ذلك في المتعارف علامة، ويسمّى ختما تشبيها له بأثر الخاتم الآصفيّ 150 في النّقش ومن هذا خاتم القاضي الّذي يبعث به للخصوم أي علامته وخطّه الّذي ينفّذ بهما أحكامه ومنه خاتم السّلطان أو الخليفة أي علامته.
If you have any sort of concerns concerning where and ورشة المنيوم الرياض exactly how to utilize باب حمام المنيوم, you could contact us at our web-site.
관련자료
-
이전
-
다음